رحم الله ابا حفص عمر وسقى بقعته صوب المطر|| كنتُ ليلاً مع أميرِ المؤمنين *** عمرَ الفاروقِ ذي القدرِ المكين صاحبُ الدُّرَّةِ ثاني الراشدين *** مَنْ به اللهُ أعزَّ المسلمين
رحم الله ابا حفص عمر وسقى بقعته صوب المطر
كنتُ ليلاً مع أميرِ المؤمنين *** عمرَ الفاروقِ ذي القدرِ المكين
صاحبُ الدُّرَّةِ ثاني الراشدين *** مَنْ به اللهُ أعزَّ المسلمين
فـقـضـوا حتّى أذلّوا المشركين
و إذا نارٌ أضاءتْ سَحَراً *** قالَ يا أسلَمُ قُمْ ماذا أرى
عَـلَّـهُم رَكْبٌ يريدون الـقِرى *** فَـخَـرجنا و هو كالسهمِ انبرى
و دنوْنا مِنْ خِباءِ المُصْطَلينَ
فإذا بامراءةٍ قد نَصَبَتْ *** قِدْرَها بينَ عِيالٍ أعْـوَلَت
ثمَّ حَـيَـيْـنا فردّتْ و استوت *** قالَ هل أندنو ، فقالت إن أردت
فَـبِـخَـيْـرٍ أو دَع القلبَ الحزين
قال : ما بالُ العِيالِ تَصرُخُ *** قالت : الجوع ، و إني أنفخُ
أوهمُ الـصِّـبْـيَـةَ أني أطبخُ *** عَـلَّـهُم مِنْ بعدِ ذا أن يَفْرحوا
و يناموا حوْلَ قِدْري جـائعين
يا لِـنارٍ أظلمت في الأضلعِ *** أحرقتْْ قلبي و أجرتْ مَدمعي
بيننا اللهُ و بينَ الأصلعِ *** ها أنا مِنْ فرطِ جوعي لا أعي
بينَ نوْحٍ و صياحٍ و أنـيـن
قالَ : يا أماهُ مَنْ أدرى عمر *** بكِ ، قالت : هذا أدهى و أَمَر
مَنْ تولَى أمْرَنا لا يَسْتَقِر *** يَـنْـبَـري للـنـاسِ في قَـرٍّ و حَـر
يَـسْـمَـعُ الـشـاكي و يُـؤوي الـبـائـسـيـن
ويْلَ عَمْري كيفَ يرعى و ينام *** ليسَ هذا مِنْ قوانينِ الأنام
مَـنْ سها عَنْ نوقِهِ جُنْحَ الظلام *** يتولّى رَعْيَها راعي الحِمَـام
إنما هذا جزاءُ الـغـافـلـين
و لقدْ أصغى لها مِنْ غيرِ ضيق *** و هو بالإصغاءِ للشكوى خَـلِـيق
و مضى بي ذلكَ الشيخُ الرَّفيق *** يُسْرِعُ الخَطْوَ إلى دارِ الدقيق
و أتى منها بـدُهْـنٍ و طَـحـيـن
ثمَّ قالَ : احملْ عليَّ ، قلتُ : وَيْ*** بلْ أنا أحملُ ، قال : احملْ عَلَيْ
قلتُ : عفواً ! ، قال : هل منكم فَـتِـي *** يَـحْـمِـلُ الأوزارَ عنّي يـا أُخَـي
يومَ يُـؤتى بي لربِّ الـعـالمـين ؟!
و سرى الـفـاروقُ خوْفَ الـنِّـقْـمَـة *** في الـدُّجى يَـحْـمِـلُ قوتَ الـصِّـبْـيَـة
و هو ممّنْ بُـشِّروا بالـجَـنَّـةِ *** لا يرى في حملِهِ مِـنْ حِـطَّـةِ
بل قياماً بحقوقِ المسلمين
فَـمـضـى بي نحوَ الصـغـار *** فـأتيْناهم و هم في الإنتظار
و لِـفَـرْطِ الجوعِ بينَ الجَـنْـبِ نار *** في استعارٍ ما لهم منها من قرار
و رأوْنـا فاشرأبّوا قـائـمـين
قالت الأمُّ : اصبروا قد جاءنا *** ذلكَ الشيخُ بما فيه المُـنَــا
و لقد يَـسَّـرَهُ اللهُ لنا*** و الأميرُ غـافـلٌ عَـنْ حَـقِّـنـا
في كتابِ اللهِ بالـنَّـصْـرِ المُـبــين
فدنى منها برفقٍ و ابتسام *** و دموعُ العينِ منها في انسجام
قال : قومي هَـيِّـئـي هذا الطعام *** معـنا ، إن اليتامى لا تنام
إذ طوى ، و اللهُ خيرُ الرازقـين
رحمَ اللهُ أبا حفصٍ عمر *** و سقى بُـقْـعَـتَـهُ صوبَ المطر
فلقد أبصرتُ أسلاكَ الـشَّـرَر *** تَـلـفَـحُ اللّحيةَ منه بالـسَّـحَـر
و هو مُـهْـَـمٌ بإنضاج العجــين
قالت الأمُّ و قد رُمْـنا القيام *** و تركْـنـا عندها فَـضْـلَ الـطـعام
: يا رعاكَ اللهُ يـا ساري الظلام *** تَـحْـمِـلُ الأقواتَ للـغَـرثى الـصِّـيـام
أنت أولى مِـنْ أميرِ المؤمنــين
قال : أيْ يرحمُكِ اللهُ اعدِلي *** و اذكري خيراً و لا تستعجلي
فإذا جِـئْـتِ الأميرَ فادخلي *** تجديني قاعداً في المنزل
و عَـلَـيَّ الجِـدُّ فيما تطـلبــين
و تـنـحّـى عنهمُ مُـسْـتَـِـرا *** رابطَ مَـرْبَـطَ أسادِ الشَّرى
و أنـا أطلبُ تعجيلُ السُّرى *** فإذا هو مُـقْـبِـلٌ مُـسْـتَـبْـشرا
شـاكراً للهِ ربِّ الـعـالمـين
قال : يـا أَسْـلَـمُ قد أسهرهم *** قارصُ الجوعِ بل اسْـتَـعْـبَـرَهُم
و لذا أحببتُ أن أبصرهم *** في سرور ، و كذا غادَرهم
فلقد ناموا جميعاً باسمــين.
رحم الله اباحفص عمر رضي الله عنه
إسمعوها من الشيخ إدريس أبكر روعه روعه روعه.