|
"أركان وأهمية الحج في الإسلام" |
تعريف الحج وأركانة وشرح مناسك الحجِّ بطريقة صحيحة
"الحج"
شرع الله تعالى العبادات وكلَّف بها عباده المسلمين، وجُعلت العبادة إحدى غايات خَلق الله تعالى لخَلقه، كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١] ولعلَّ من أجلِّ العبادات وأهمها وأكثرها أثراً على المسلمين مجتمعين في شتَّى بقاع الأرض على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومساكنهم: عبادة الحجِّ، التي يشدُّ القادرون من المسلمين الرِّحال لأدائها في أشهر مخصوصةٍ من العام، قاصدين بيت الله الحرام والمشاعر المقدَّسة.
"أركان الحج"
تتألف من أركان الحج خمسة: الإحرام، الوقوف بعرفة، التروية، الطواف، والسعي بين الصفا والمروة.
- الإحرام: هي البداية الرسمية لشعائر الحج، وتتضمن تحريم المسلم على نفسه بعدم الاقتراب من بعض الأعمال والأشياء طوال فترة الحج. ويتم الإحرام بالنية والتلبية.
- الوقوف بعرفات: يعد يوم عرفة من أهم الأيام في شعيرة الحج، حيث يتجمع الملايين من المسلمين في ساحة عرفات للوقوف في صلاة وذكر ودعاء وتوبة، ويعتبر هذا الوقوف أحد أهم أركان الحج.
- التروية: يتم فيها رمي الجمرات الثلاث، وهي عبارة عن رمي الحصى على ثلاثة أعمدة تمثل الشيطان، وذلك لتذكير المسلمين بالمواجهة والتصدي لإغراءات الشيطان.
- الطواف: يتم فيها طواف المسجد الحرام، حيث يدور المسلمون حول الكعبة الشريفة سبع مرات، وهذا الطواف يعبر عن اتحاد المسلمين في العبودية لله تعالى.
- السعي بين الصفا والمروة: يتم فيها الجري بين الصفا والمروة سبع مرات، وهو تذكير بتضحية الزوجة هاجر وابنها إبراهيم عليهما السلام، وقصة البحث عن الماء في صحراء مكة.
"مناسك الحج"
تبدأ رحلة الحج بالتحلي بالإحرام، ويتجه المسلم إلى مكة المكرمة لأداء الطواف والسعي والتروية والوقوف بعرفات، ثم يتوجه إلى منى لرمي الجمرات والبقاء في خيام هناك، ويعتبر هذا الجزء من الحج "يوم التروية". ثم يتجه المسلمون إلى مكة المكرمة مرة أخرى لإكمال مناسك الحج بأداء التطوع والطواف، وينتهي الحج بتقليد الحجاج لحلق شعر رؤوسهم أو قصها، وعادة ما يستمر المسلم في إحرامه حتى يغادر مكة المكرمة.
"تعريف الحجِّ وحكمه"
تعد الحج من أهم الركائز الخمسة في الإسلام، حيث يقصد المسلمون بيت الله الحرام في مكة المكرمة لأداء العبادات والطاعات، وذلك في فترة محددة من كل عام. وتحظى هذه الركن العظيم من الإسلام بأهمية كبيرة لدى المسلمين، إذ يعتبرونها فرصة لتجديد إيمانهم وتقويته، وتعزيز روابط التآخي والأخوة بين جميع المسلمين.
ويعتبر الحج في اللغة مشتقًا من الجذر اللغوي "حجج"، الذي يتضمن الحاء والجيم المضعفة، وهو ارتباط بأربعة أصول رئيسية، وهي: الحِجَّة، والحِجَاج، والحجحجة، والقصد.
وتعني الحِجَّة في اللغة السَّنة، ويأتي ذلك من قول الله تعالى في قصة نبينا موسى -عليه السَّلام- عندما قال: "إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ"، وتعني الحِجَاج العظم المستدير الذي يكون حول العينين، وتعني الحجحجة النُّكوص، أما القصد فهو الهدف أو المقصد.
ويتعلق الحج في الإسلام بزيارة بيت الله الحرام في مكة المكرمة، والتي يتردد إليها الملايين من المسلمين في جميع أنحاء العالم كل عام. ويهدف المسلمون من أداء الحج إلى تفعيل روح التضحية والتواضع، وتعزيز الوحدة والتآخي، وتحقيق السلام الداخلي والخارجي. ويعد الحج بمثابة تجربة دينية فريدة، يتخللها العديد من المناسك والطقوس التي ترمز إلى معاني عميقة في تعاليم الإسلام.
|
"أركان وأهمية الحج في الإسلام" |
"وأمَّا الحجُّ في الاصطلاح الفقهي"
فيراد به قصد بيت الله الحرام والمشاعر المقدَّسة، وذلك في أشهرٍ معلوماتٍ، لأداء أعمالٍ مخصوصةٍ وفق شروطٍ وهيئةٍ محدَّدةٍ، وهذه الأعمال بحسب جمهور الفقهاء هي الوقوف بعرفة والطَّواف بالبيت الحرام والسَّعي بين الصَّفا والمروة،[٤]
وقد جاء في قول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).[٥]
مفهوم الحج في الاصطلاح الفقهي، ويشير إلى أن الحج يعني القصد إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في أشهر معلومة بغرض أداء أعمال مخصصة وفق شروط وهيئة محددة. وتشمل هذه الأعمال الوقوف بعرفة والطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة،
كما أن الحج يتضمن الامتناع عن الرفث والفسوق والجدال. وينص قول الله تعالى في ذلك: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)".
"والحجُّ ركنٌ من أركان الإسلام"
يعد الحجّ ركنًا من أركان الإسلام، وهو فرضٌ على كلِّ مسلمٍ مكلَّفٍ قادرٍ عليه ومستطيعٍ إليه، وتشير النُّصوص الواردة في فرض الحج إلى ذلك، حيث يقول الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (آل عمران: 97).
ويعتبر الإجماع منعقدًا على أنَّ الحجَّ فرضٌ على المسلم القادر، ومن أنكر فرض الحج وجحده يعتبر كافرًا؛ لأن هذا الإنكار يعد من إنكارات معلومات من الدين بالضرورة.
ويمكن القول إن فرض الحج يؤكد على تعظيم أهمية بيت الله الحرام في الإسلام، وتعزيز الروابط بين المسلمين من جميع أنحاء العالم. كما يعد الحج تجسيدًا للوحدة والتآزر بين المسلمين، حيث يجتمع المسلمون في مكان واحد لأداء شعائر دينية مشتركة تعبر عن تضامنهم وتلاحمهم.
|
"أركان وأهمية الحج في الإسلام" |
"شرح مناسك الحجِّ"
تعد مناسك الحجِّ من أهم المناسك الدينية في الإسلام، فهي تشير إلى التزام المسلم بأركان دينه والتوجه إلى البيت الحرام في مكة المكرمة لأداء الشعائر الدينية المشروعة. وقبل الشُّروع في تفصيل مناسك الحجِّ، يجب تبيان أنَّ الحاجَّ إذ يخرج ناوياً الحجَّ، فعليه اختيار وتحديد نوع النُّسك الذي سيختاره ويُحرم به، فثمَّة أنواعٌ ثلاثة لنسك الحجِّ يختار الحاجُّ قبل الإحرام للحجِّ.
أولًا: حجُّ التَّمتُّع، وهو أن يُحرِم الحاجُّ للعمرة وحدها في أشهر الحجِّ، فإذا وصل مكَّة المكرَّمة، طاف بالبيت الحرام وسعى بين الصَّفا والمروة، وتحلَّل من إحرامه، ثمَّ عاد ليجدِّد إحرامه للحجِّ في اليوم الثَّامن من شهر ذي الحجَّة من مكانه.
ثانيًا: حجُّ القِران، وهو أن يُحرِم بالعمرة والحجِّ معاً وبقرن بينهما.
ثالثًا: حجُّ الإفراد، وهو الإحرام بالحجِّ وحده. في اليوم الثَّامن من شهر ذي الحجَّة وهو اليوم المعروف بيوم التَّروية، يجدِّد من كان من الحجَّاج متمتِّعاً أو من كان من أهل مكَّة إحرامهم ويخرجون جميعاً إلى مِنى للمبيت فيها، ويؤدون فيها صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التَّاسع، فإذا أدَّوا صلاة الفجر في اليوم التَّاسع من ذي الحجَّة، انتقل الحُجَّاج إلى جبل عرفة؛ استعداداً للوقوف به.
ويسنُّ أَلَّا يقف بعرفة إلا بعد زوال الشَّمس -أي دخول وقت الظُّهر- وأداء صلاتي الظُّهر والعصر قصراً وجمع تقديمٍ، ثمَّ يقف بعرفةً منشغلاً بالدُّعاء والذِّكر ومناجاة الله -عزَّ وجلَّ- حتى غروب شمس هذا اليوم، فإذا غربت الشَّمس بدأ الحُجَّاج بالنفير إلى مزدلفة، ويصلون فيها المغرب والعشاء جمع تأخيرٍ، ويبيتون فيها ويصلُّون فجر اليوم العاشر فيها كذلك. والمبيت بمزدلفة واجبٌ عند جمهور الفقهاء، ويستحبُّ للحجَّاج التقاط الجمرات وجمعها من مزدلفة؛ استعداداً لرميها في اليوم العاشر من ذي الحجَّة.
|
"أركان وأهمية الحج في الإسلام" |
"وفي اليوم العاشر من ذي الحجَّة، وهو اليوم المعروف بيوم النَّحر"
وفي اليوم العاشر من ذي الحجَّة، وهو اليوم المعروف بيوم النَّحر، يقوم الحُجَّاج بالذَّهاب إلى مِنى، ورمي جمرة العقبة أو الجمرة الكُبرى، فيرمون في هذه الجمرة بسبع حصيات، يكبِّرون عند رمي كلِّ حصاة، ويقطعون التَّلبية عند البدء برمي الجمرات، ثمَّ يقومون بذبح الهدي،
وذبحه واجبٌ في حقِّ المتمتِّع والقارن وسنَّةٌ في حقِّ الحاجِّ المُفرِّد، ويتحلَّل الحُجَّاج بعدها التَّحلُّل الأول أو الأصغر، فيحلقون ويقصِّرون، ويحلُّ لهم بذلك ما كان محظوراً عليهم سابقاً باستثناء الوطئ والجماع، ويتوجهون بعد ذلك إلى مكَّة لأداء طواف الإفاضة.
ويجب على الحجَّاج اتباع الأنظمة والتعليمات الخاصة بالحجِّ والتي تشمل الحفاظ على النظام والتقيد بالتوقيتات المحددة والحرص على السلامة العامة، إضافة إلى الالتزام بالأخلاق الحميدة والتعاون مع الآخرين، وتجنب أي أفعال يمكن أن تؤدي إلى إيذاء الآخرين أو الحرمات الشرعية.
ويجب على الحجَّاج أيضًا استغلال هذه الفرصة القيمة للتقرب إلى الله والتعبير عن حبه وتقديره، والتأمل في أسرار الخلق والحياة، وتوجيه الدعاء والتضرع إلى الله بالإصلاح والتوبة والغفران.
الخاتمة: الحج هو أحد الركائز الخمس للإسلام ويتطلب من المسلمين القادرين عليه أداءه مرة واحدة على الأقل في العمرة. تتضمن أركان الحج الإحرام والوقوف بعرفات والطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، إضافة إلى الذبح والحلق أو التقصير ورمي الجمرات في المشاعر المقدسة. يعتبر الحج تجربة دينية فريدة ومهمة للمسلمين ويجب عليهم السعي لأدائها بطريقة صحيحة ومنظمة.